أطلقت شركة ناشئة مقرها الصين نموذجًا جديدًا في مجال الذكاء الاصطناعي يحمل اسم DeepSeek، ويُعتقد أنه سيُحدث ثورة في قطاع التكنولوجيا، لا سيما في الولايات المتحدة.
هذا النموذج الجديد أثار ضجة كبيرة، خصوصًا بعد أن أثبت تفوقه على نماذج الذكاء الاصطناعي الأخرى، بما في ذلك الروبوت الشهير ChatGPT من OpenAI، رغم الموارد المحدودة التي حصل عليها مقارنة بالشركات الكبرى التي تهيمن على السوق.
وحسب تقرير نشره موقع "سكاي نيوز"، أظهرت المقارنة بين DeepSeek و ChatGPT أن النموذج الصيني الجديد قد يحقق تقدمًا ملحوظًا في بعض الجوانب التقنية، مما يجعله أكثر فاعلية من الناحية الاقتصادية.
إحدى أبرز النقاط التي لفتت الأنظار هي أن DeepSeek تم إطلاقه كمصدر مفتوح بالكامل، مما يتيح لأي شخص تنزيله واستخدامه على جهازه الخاص دون الحاجة للاتصال بالخوادم المركزية، وبالتالي لا يتم جمع أي بيانات من المستخدمين.
هذه الميزة تجعل النموذج أكثر شفافية ويوفر مستوى أعلى من الخصوصية.
بالمقابل، وعدت OpenAI في البداية بتقديم نموذج مفتوح مثل ChatGPT، لكنها تخلت عن هذا المبدأ في وقت لاحق، مما أثار انتقادات حول سياسات الخصوصية والاستخدام.
ـ الرقابة والسياسات الحكومية: تحديات وابتكارات:
تجدر الإشارة إلى أن DeepSeek، كما هو الحال مع العديد من النماذج الأخرى التي تنشأ في الصين، قد يتأثر بالرقابة المفروضة من قبل الحكومة الصينية.
بعض المستخدمين أشاروا إلى أن إجابات DeepSeek تخضع لتصفية معينة بسبب هذه السياسات. ورغم هذا، فإن النموذج مفتوح المصدر يسمح للمستخدمين بتجاوز هذه الرقابة بسهولة إذا اختاروا ذلك، مما يمنحهم مستوى أعلى من التحكم في البيانات والمخرجات.
ـ التكلفة الاقتصادية: DeepSeek يتفوق بفضل كفاءته المالية:
واحدة من أكبر النقاط التي تميز DeepSeek هي تكلفته المنخفضة مقارنةً بنماذج الذكاء الاصطناعي الأخرى. في حين أن تكلفة تدريب نموذج OpenAI الواحد قد تصل إلى عشرات الملايين من الدولارات، تؤكد DeepSeek أنها استطاعت تدريب نموذجها بتكلفة إجمالية قدرها 5.5 ملايين دولار فقط، وهو فرق شاسع يعكس كفاءة مالية عالية.
أما بالنسبة للتسعير، فإن DeepSeek تقدم واجهة برمجة التطبيقات الخاصة بها بتكلفة منخفضة جدًا، حيث تبدأ الأسعار من 0.14 دولار لكل مليون رمز (حوالي 750 ألف كلمة).
بينما تصل تكلفة استخدام OpenAI لنفس الخدمة إلى 7.50 دولار لكل مليون رمز، وهو فارق كبير في الأسعار بين النموذجين.
ـ الأداء والتفوق في المهام التقنية:
بينما يشيد العديد من المستخدمين بالإبداع والتفاعل الحواري المتميز في ChatGPT، فإن DeepSeek يُظهر تفوقًا ملحوظًا في المهام التقنية، مثل التفكير المنطقي، البرمجة، و حل المعادلات الرياضية.
في هذه المجالات، يُعتبر DeepSeek أفضل بشكل ملحوظ، مما يجعل منه خيارًا مثاليًا للمطورين والمستخدمين الذين يحتاجون إلى حلول دقيقة ومركزة في هذه المجالات.
ومع أن ChatGPT لا يزال يحتفظ بتفوقه في مجالات مثل الإبداع والتفاعل الاجتماعي، إلا أن DeepSeek يقدم أداءً متفوقًا في الأمور التقنية. وفي النهاية، هذا يُظهر مدى التنوع الكبير في استخدامات الذكاء الاصطناعي والتفاوت بين النماذج المختلفة.
ـ التأثير على السوق: الشركات تفضل النموذج الأكثر اقتصادية:
إذا كان DeepSeek يحقق هذا المستوى من الأداء الجيد في العمليات التقنية ويقدم هذا التفوق بتكلفة أقل بكثير، فإن الشركات الكبرى التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي قد تجد أن الفارق الكبير في الأسعار هو سبب كافٍ للتبديل من ChatGPT إلى DeepSeek.
حيث إن الأسعار التنافسية قد تجذب العديد من الشركات التي تسعى إلى تقليل النفقات دون التأثير على جودة الخدمة.
ويبدو أن DeepSeek سيكون له تأثير مباشر على الطريقة التي يتم بها استخدام الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات. من خلال تقديم نموذج مفتوح المصدر مع تكاليف منخفضة، يمكن أن يكون النموذج الصيني الجديد منافسًا قويًا في السوق العالمي، لا سيما في ظل سعيه لتحقيق الشفافية و الخصوصية، وهو أمر يعتبره الكثيرون ميزة لا غنى عنها في العصر الرقمي.